من قصص الفروسية والاخلاق عند العرب فى الجاهلية



يتحدث المستشرق الانجليزى الاستاذ برنابى روجرسون عن الاخلاق والفروسية العربية فى كتاب (ورثة محمد جذور الخلاف السنى الشيعى) ويذكر قصتين بالغتى الاهمية عن هذا الأمر :

الاولى عن هجرة النبى صلوات الله وسلامه عليه مع سيدنا ابى بكر صاحبه وحبيبه من مكة الى المدينة وحدهما .. فرغم ان ابى بكر وزوجته (أُم رومان) والدة السيدة عائشة كانا يؤمنان بنبوة محمد ايماناً مطلقاً فإن هذا لم يكن الحال بالنسبة لكل الاسرة .. فزوجة ابى بكر الاولى (قُتيلة بنت عبد العُزى) من عشيرة عامر لما حان وقت هجرة النبى للمدينة رفضت ان تذهب مع الى المدينة مع زوجها، واختارت ان تبقى فى مكة مع ولديها (عبد الله واسماء) ، وعبد الله لم يدخل الاسلام مثل والده واختيه فقط ، بل ايضاً حارب الى جانب الوثنيين ، ضد القوات المسلمة فى معركتى (بدر وأُحُد) ..

ولما وصل ابى بكر ومحمد الى المدينة سالمين واستقرت امورهم ارسلا لأسرتيهما فى مكة ليلحقوا بهما ، ورغم ان محمد وصاحبه قد طاردهما باعتبارهما هاربين - مئات الفرسان الوثنيين والبدو الراغبين فى الحصول على الجوائز والهبات ، إلا ان الشهامة العربية فى رعاية النساء كانت مطلقة .. فعبد الله ابن ابى بكر الذى بقى وثنياً معادياً للإسلام كان فخوراً برعاية اسرته وخدمتها ، وقد حرس زوجة ابيه (ام رومان) واخته من ابيه (عائشة) المسلمتين، حتى وصلن بسلام الى المدينة المنورة وكان يساعده فى هذا قريبه المسلم طلحة ..

الحادثة الاخرى هى حادثة (أم سلمة) زوجة النبى التى تزوجها بعد وفاة زوجها، فقد كان زواجها الاول نموذجاً لإرتباط عميق .. وكان زوجها (ابو سلمة) من السابقين على الإسلام، فهو رقم ١١ فى سلسلة معتنقى الإسلام، وقد رفضت اسرتها القرشية الفخور فى مكة الوثنية .. السماح لها - فى بداية الأمر - بالهجرة الى المدينة لتلحق بزوجها المسلم، بل وقد خطفوا منها طفلها، لكنهم تأثروا بعد ذلك بحزنها الشديد .. فلانوا أخيراً، لكن احد من عشيرتها لم يرد ان يحرس ام سلمة وطفلها وهما فى طريقهما للمدينة، فكانت مضطرة لشراء جمل ..

ولحسن الحظ، فبعد اربعة اميال لا غير، وعند احد محطات توقف القوافل التى يقال لها (التنعيم) التقت بعربى يتحلى بأخلاق الفروسية .. كان يحرس الطريق عبر صحارى شبه الجزيرة العربية القديمة ، ورغم ان هذا الرجل (عثمان بن طلحة) كان لا يزال على وثنيته .. إلا انه حرسها طوال الطريق الى المدينة، واعتاد، عند كل مرحلة من مراحل التوقف، ان ينام بعيداً عنها تحت الشجيرات البعيدة عن شجيرتها .. أما اثناء المسير، فكان متعمداً دائماً ان يسير فى المقدمة امام الجمل التى تركبه ( ام سلمة ) حتى اوصلها الى المدينة ..

ورغم ان الرجل يعلم بالضبط مكان زوج (ام سلمة) إلا انه - ادباً منه - عاد بمجرد توصيلها الى قرية صغيرة لـ (عمرو بن عوف) .. وكان حريصاً على ألا يقدم له احد شكراً او مكافأة، فالرجل فى اعتقاده ، لم يفعل سوى (الواجب) على وفق ما تقتضيه اخلاق الفروسية


Comments

Popular posts from this blog

جيش عبيد البخارى / إنكشارية الدولة المغربية

نظام الدفشيرمة التركي العثماني

الفتح المصرى للشام 1831