لماذا نبقى سجناء فقه القرن الثاني الهجري ؟ |د. الحاج اوحمنه دواق
- Get link
- X
- Other Apps
العقل الذى لا يزال يتكئ على الشافعى فى القرن الثانى هو عقل يعيش ازمة نوعية، ازمة خطيرة جداً.. الشافعى الذى ينتمى الى شرطية تاريخية هى شرطية القرن التاسع للميلاد الثانى للهجرة، الشافعى الذى أطر وعى المسلمين فى زمان مضى وفق جهده وإمكانه ووعيه وادواته الإجتهادية ..
الإمام الشافعى رضى الله عنه مجتهد، قعد للإجتهاد فى فترته، ألا يزال العقل الإسلامى يعتاش على تلك الآليات الى يومنا هذا !؟
اننا نعيش ازمة نوعية غير عادية
إن إنساناً مات منذ قرون لا يزال يؤطر عقلاً يُفترض فيه أن يكون حياً ..
الحى الذى يستنجد بالأموات بإستمرار، العقل الذى يطمئن الى قول الأموات ولا يطيق أن يُنشأ قولاً على قول، العقل الذى يسرف فى سرد نصوص السابقين ولا يستطيع أن يُنشأ متناً على متن
لا ادعو الى القطيعة إنما اقصد الى ان الوعى الإسلامى يجب ان يُستفز إستفزازاً جذريا لكى يُنشِأ نفسه من جديد
النشأة المستأنفة التى تجعله ينبثق الإنبثاقة السوية التى سيتجه بها إلى العالم..
لا نستطيع أن نُجيب على العلاقات الدولية وأزمات العولمة بمنطق الشافعى، لا نستطيع ان نواجه العالم بمنطق ابن تيمية، منطق فيه حدية خطيرة جداً ..
متى نجرؤ ؟ متى تكون عندنا تلك السلاسة وذلك الوعى الذى من خلاله سنتحدث الى العالم بمنطق يقوم على القيم الإيمانية القيم العقائدية القيم الرؤيوية التى تقوم عليها رؤية العالم بالنسبة للمسلمين كرؤية توحيدية تتشارك مع التوحيديين، ورؤية إلهية تشترك مع الإلهيين، هكذا يجب ان نفكر ..
لا يجب ان نفكر بمنطق هذا وثنى وهذا توحيدى، هذا وضعى وهذا سماوى ! .. هذا زمان ولّى التصنيف فيه، نحن بإيزاء نمطية جديدة.. لم تعود الخطورة من الأديان الوضعية.. وإنما الخطورة الآن ومكمن التأزم الجذرى فى ذلك الذى يسعى ويعمل على نزع القداسة عن العالم عن إفراغ العالم من القداسة..
عن إعلان موت الإله فى وقتٍ، ثم إعلان موت الإنسان فى وقت، ثم إعلان موت المُطلقات فى وقت، ثم الآن يقدم لنا نموذج الإنسان السوبرانى الإنسان الآلى الذى سيفتقد كل ملامح الآدمية وسيدخل الى طورٍ جديد، طور تغيير " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " ..
فليغيرن خلق الله، يُتاح للفقيه ان يفهم تغيير خلق الله فى مستواه الذى يُدركه، لكن سيدى الفقيه إن تغيير الخلق الآن تغيير نوعى، بحيث يمكن أن يُستنسخ لك نموذج منك، ويمكن ان يُستنسخ من الآلة نموذج منك، ومن الممكن أن يُِستنسخ نموذج من الإنسان لا ينتمى الى الانسان سوى انه يحمل ملامح منه
الفقه هنا مُنهَك مِن ثِقل اجابات من سبقونا !
السؤال: أين نحن الآن من الوعى القرآنى !؟
لا نذكر النصرانى إلا بالنجاسة، ولا نذكر اليهودى إلا إذا اتممناه باللعن فنقول اليهودى لعنة الله عليه، ولا نذكر المخالف من المسلمين الآخرين إلا إذا قلنا زنديقاً او ضالاً او مبتدعاً !
شبابنا يتأثر وعيه فى إطار مزاجية مقيتة جداً، أُحادية، إلغائية، ماحية .. خطابنا المسجدى وخطابنا الإعلامى فى بعض الدوائر تنتج إنساناً خطيراً إنسان لا يستطيع ان يتجه الى المستقبل، إنسان يُحيى نعرات سابقة لكى يقتل الحاضر، لا ليعى هذا الماضى ويبتعث من خلاله المستقبل ..
الإنسان الآدمى الذى تحدث عنه القرآن أين هو الآن ؟
نصنف المسلم ضمن الإنسان، لكن لا نصنف العالمين ضمن الإنسان، مع معنى إن يتحدث القرآن عن الإنسان؟
نحن نحتكر مُسمى الإنسان فنسمى به المسلم فقط، خطير جداً هذا الوعى.. العالم ملئ بشعوب بأمم بثقافات بفكر .. العالم ملئ بالناس
وربك ليس فيه إلا الخير ..
كتابنا المقدس القرآن المدونة الأخيرة التى ضغطت جميع التجارب فى مثوياته يبتدأ بالحمد لله رب العالمين، أى رب العوالم المتعددة التى سيكشف عنها مستقبل الناس! .. ويختم بقُل أعوذ برب الناس..
أيها المسلمون انتم جزءٌ من الناس ولستم "الناس" ..
هذا الكلام ينبغى ان يُعمم فى المدونات الإعلامية والتربوية، خطباء المساجد الذين صدعوا رؤوسنا بخطاب الإلغاء والإقصاء والمحو يجب أن يتجددوا، فيخاطبوا المسلم على أنه إنسان، او قُل على انه :
مخلوق فى المقام الأول ثم هو إنسان فى المقام الثانى، ثم هو مسلم، وكل الخلائق مسلمون لله
السؤال الآخر : مَن خُلفاء الله فى الارض الآن؟ او بتعبير ادق : مَن الخلفاء عن الله الآن عملياً فى الأرض؟
ماذا يُقدم المسلمون للإنسان؟ ما هو الدواء الذى نقدمه للإنسان؟ ما هو الفكر الشافى الذى نقدمه للإنسان؟ ما هو الأمل الذى يزرعه المسلمون فى الإنسان؟
ما هى المناجزة العقائدية او الرؤيوية او العلمية التى يقدمها المسلمون للإنسان؟
أن تقول هذا مؤلم معناه انك قد خطوت الخطوة الأولى الصحيحة لتصويب الأشياء وردها إلى نصابها، نحن معنيون بأن نبتعث المزاج القرآنى من جديد ..
فى خطبائنا الآن من يقول النصارى واليهود ليس لهم إلا السيف!
هم يسمحون لك ببناء المساجد، هل تفكر فى يومٍ من الايام ان تسمح له ببناء الكنيسة؟
إعرض الفكرة فى إستفتاء بسيط، من سيقبل منك هذا؟
الكنائس الآن فى اوروبا تفتح ابوابها فى يوم الجمعة للمسلمين ليصلوا جمعاتهم لأنهم محرومون فى بعض الدوائر من ان يفتحوا دور العبادة ..
هل نحن مثلاً، تجوزاً، هل نحن نسمح لمسيحى أن يدخل الى المسجد ليسأل إمام؟ انا لا أُعمم ..
مثال مسيحى نجران وانا اتوجه به إلى شبابنا، النبى الأعظم صل الله عليه وسلم يستقبل وفداً من جميع نصارى نجران، وفى مسجده! وعندما قاموا واتجهوا الى الشرق ليصلوا صلاتهم قام بعض الصحابة لينتهروهم، قال مهلاً، دعوهم ليصلوا ..
فقرعوا نواقيسهم وقالوا صلواتهم وترانيمهم فى مسجد رسول الله وبمحضر رسول الله ..
أين نحن من هذا الوعى الذى يمكن ان نواجه به الحياة ؟ نفرق فى اليهود بين اليهودى المتدين المؤمن وبين الصهيونى المُعادى .. المسألة واضحة، اليهودى لا يعنينى انا جل مشكلتى مع الصهيونى
المسيحى غير المتصهين او المسيحى غير المعادى ليس عندى أى إشكالية معه..
المسلم من التلوينات الاخرى ما عندى معه أى إشكالية .. هذا الوعى القرآنى .. لكن واقعياً ما الذى نعيشه ؟
نحن بحاجة الى أصوليين يؤطرون الحياة بوعى القرن الخامس عشر للهجرة والواحد والعشرين للميلاد
ومثال أخير : استاذنا مالك بن نبى فى كتابه ( المسلم فى عالم الإقتصاد ) بدأه بمقدمة جميلة .. قال : فقهائنا - فى الدائرة السُنية حتى أكون دقيقاً - نتعبهم كثيراً لأننا نطلب منهم فى بعض الأحيان اكثر مما يطيقون، لأن عدتهم قديمة، عدتهم النظرية والمنهجية قديمة جداً ..
فتسأله عن أشياء فى إطار التنظير السياسى والإقتصادى والثقافى والإجتماعى العالى جداً .. المشكلة ليست فيه، المشكلة فى من لا يزال يحتاج هذا النوع الذى يجب ان يتجدد، هذا الذى اقصدهم بغير أن أعمم.
دكتور الحاج أوحمنة دواق
- Get link
- X
- Other Apps
Comments
Post a Comment